القتل على الطريقة الحديثة
لعلى فى مقالى هذا أحاول أن أجد علاجاً بمواجهتى لحقيقة ما نعيشه فى عالمنا، أو أنه
مجرد "تنفيس" عما أشعر به و أحياه و أراه بشكل يومى خلال مسيرة حياه لم أختارها قط
ولم يكن لى يد بها. لعل ما يدور الآن فى فضاء "السوشيال ميديا" الواسع الذى لا حدود
له ما أصدره القضاء المصرى من أحكام فيما أطلق عليه إعلامياً فتايات التيك توك
"حنين حسام ومودة الأدهم"، وأنا هنا لست بصدد التعليق على أحكام القضاء لما لها من
حجية يعلمها القاصى و الدانى و لما لها من إحترام صاغه لها الدستور والقانون، و لكن
ما يستحق أن يلقى عليه الضوء هو حقيقة ما يمر بيه العالم بصفة عامة و المجتمع
المصرى بصفة خاصة بعد مرور أكثر من عشر سنوات على ثورة يناير فهناك العديد من
التغيرات التى طرأت فى المجتمع المصرى وعليه.
تطبيقات تسليع الانسان:-
فاكثر ما
يلقى عليه الضوء ويعد حدثاً جديداً هو أن يكون العمل والربح نتيجة إستعمال تطبيقاً
إلكترونياً هدفه الأول والأساسى بالنسبة للفرد المشترك به ممارسة المرح و إشغال وقت
الفراغ وخاصة ما يمر به العالم من جائحة كورونا وهجماتها المتتالية، فتخيل عزيزى
القارىء أنك تقوم بإنزال تطبيقاً للمحادثة مثلاً أو للمشاهدة أو المشاركة
الإجتماعية كمحاولة منك لشغل فراغك أو نشر موهبة ما تتمتع بها فتصبح أنت السلعة
المراد بيعها على هذا التطبيق وأن كل ما يقدم لك من مميزات تظن أن هدفها إسعادك
وإظهار موهبتك ماهى إلا أدوات مساعدة لتحسين مظهرك كسلعة يراد بيعها للسلعة أخرى
ألا وهى إنسان مثلك ولكن بشكل أخر!! عزيزى فقد أنتشر فى الأونة الأخيرة تطبيقات
اطلق عليها " تطبيقات سيئة السمعة" لما تمكنك من فعله أنت بإيهامك بكونك حراً تفعل
ما يحلو لك ولكن حقيقة الأمر أن تمرس الربحية من أجل مالكيها و مديريها ليس إلا،
فتطبيقات مثل "likee , Bigo" و غيرهما و ما يسمى بتطبيقات المواعدة ليست من أجل
إظهار موهبتك أو البحث عن شريك حياه يتحمل معك الصعاب و المثابرة و إنما هدفها
تحويلك لسلعة يقوم أخرون من ذوى السلطة و المال وأصحاب الميول المريضة من شرائها
والإستمتاع بها، فقد دفعنى الفضول لتحميل مثل هذين التطبيقين سالفى الكر فما أصابنى
من جمود ورعب لا يمكن تخيله حين وجدت أن اغلبية المشاركين به و العارضين عليه
أطفالاً فى عمر الزهور وما أفزعنى حقاً حين وجدت أحدى المقالات توصف احداها بجنة
"البيدوفليين" فهل حقاً هذه الحرية التى يريدونها؟!! هل حقاً المساهمة فى ضياع
مستقبل و إنسانية العالم أصبحت هدفاً جلياً و واضحاً؟!! فمن المستفيد يا ترى؟؟
حقيقة مجتمعية قاسية:-
إن ما يمر به المجتمع العالمى وخاصة المصرى من تغيرات
لمفاهيم أخلاقية وظروف إقتصادية لها الفضل الاكبر فى تغير تركيبة وتفكير المجتمع
المصرى، خاصة وإن كان هذا المجتمع لديه الإستعداد للسقوط تحت مسمى المصلحة وتحقيق
الذات. فوفقا لما أعلن عنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في آخر مسح
ديموغرافي صحي في مصر، فإن 117 ألف طفل في الفئة العمرية من 10 إلى 17 عاما متزوجون
أو سبق لهم الزواج، وأن محافظات الصعيد (جنوبي البلاد) هي الأعلى من حيث معدلات
الزواج والطلاق، بينما سجلت محافظات مصر الحدودية "البحر الأحمر وسيناء ومرسى مطروح
وأسوان" أقل نسبة في زواج الأطفال. وبحسب تأكيد نقيب المأذونين إسلام عامر فإن نسبة
زواج القاصرات في مصر تبلغ 5 بالمئة سنويًا، وهناك أزواج كثيرون يرفضون بعد سنوات
توثيق العقد بجانب رفضهم إصدار شهادة ميلاد لأبنائهم. الأمر الذى يجعل مثل هذلا
المجتمع بيئة خصبة لنشر مثل هذا النوع من الفساد الأخلاقى خاصة وإن كان المستفاد
حقاً هو أحد زوى النفوذ المالى و السياسى والذى سُمح له إدخال مثل هذه التطبيقات و
إنشاء الوكالات لها. كما أن غياب العدالة الإجتماعية كالمساواه بين الطبقات داخل
المجتمع والمساواه بين الجنسين وعدم فرض عقوبات رادعة لمواجهة ظاهرة مثل التحرش
الجنسى والسماح لذوى السلطة و النفوذ من الافلات من العقاب لا يمكن بأى حال من
الأحوال خلق بيئة مناسبة للعيش الأمر الذى سيضطر الكثير من الخلائق إتباع طرق غير
مشروعة للبحث عن لقمة العيش وما أعجبها طرق هذا الزمان وتنوعها ومن ثم سيتم
إعتبارهم مجرمون لا ضحايا لواقع أليم غير عادل يصبغ بصبغة الشرعية الدينية و
القانونية.
ضحايا وليسوا مجرمين:-
خلاصة الأمر أن ما أثار جدلاً واسعاً خلال
اليومين الماضيين يجعلنا ننظر بعين الرحمة لا بعين الجلاد لاسيماً و أننا قمنا
بالفعل بهذا الدور الذى هو ليس من إختصاصنا فبدلاً من توفير الحماية لهن قمنا
بجلدهن و هن ضحايا. فقد فرضنا قيماً بالية و قيوداً فاسدة خلقت ضحيتان بشكل متهمتان
كانتا فقد تحلمان بعيش رغد وعادل يستطيعون فيه تحقيق أحلامهم قبل أن يمر العمر لتجد
و بعد مرور عقدبك الثانى و الثالث أنك لم تحقق شيئاً يستحق أن تكمل حياتك من أجله.
فما وقع عليهن يصنف كونه إستغلالاً من ما يطلق عليهم ليبراليون جدد ذلك المفهوم
القاتل لكل ما هو إنسانى والرادد لعصر ما قبل تحرير العبيد مستغلاً أسمى إحتياجات
الانسان وهى الحرية.
تعليقات
إرسال تعليق